U3F1ZWV6ZTMyMzQ1Njc2MDQyNTc1X0ZyZWUyMDQwNjQ0OTQwNjA4Mw==

دور التنشئة الاجتماعية في تعزيز التفكير الناقد


مقدمة:

يمثل التفكير الناقد أحد الركائز الأساسية في بناء مجتمعات قادرة على مواجهة تحديات العصر وتحقيق التقدم المستدام. فهو ليس مجرد مهارة معرفية، بل هو عملية عقلية منهجية تمكن الفرد من تحليل المعلومات، تقييمها، واتخاذ القرارات بناءً على أسس منطقية وعلمية. وفي ظل تسارع التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية، يزداد الطلب على أجيال تمتلك القدرة على التفكير بوعي، بعيدًا عن التلقائية والانقياد للعادات أو الضغوط الاجتماعية.

يهدف هذا البحث إلى استكشاف ماهية التفكير الناقد، انطلاقًا من جذوره الفطرية ومدى تأثير الاكتساب الاجتماعي عليه، وصولًا إلى دراسة دور الأسرة والمؤسسات التعليمية في تنميته لدى الشباب. كما يناقش البحث التحديات الحالية التي تعيق تعزيز هذه المهارة الحيوية، ويعرض رؤية مستقبلية تهدف إلى تطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز التفكير الناقد، لا سيما في أوساط شباب الجامعات، باعتبارهم المحرك الأساسي لمستقبل المجتمعات.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، يعتمد البحث على منهجية تحليلية نقدية تستند إلى مراجعة الأدبيات السابقة وتوظيف الأدلة العلمية لإثراء النقاش. يعكس هذا العمل محاولة لفهم العلاقة المعقدة بين العوامل الاجتماعية، التربوية، والثقافية، ومدى تأثيرها على التفكير الناقد، ليقدم بذلك إسهامًا في بناء استراتيجيات مستقبلية تُعزز من قدرة الأجيال الجديدة على مواجهة التحديات بوعي وإبداع.

مشكلة البحث:

تتمثل مشكلة هذا البحث في تسليط الضوء على أهمية التفكير النقدي في حياة الشباب الجامعي، وتحديداً في إطار دور الأسرة والمجتمع المؤسساتي في تنميته. على الرغم من الدراسات المتعددة التي تناولت التفكير النقدي في مجالات مختلفة، إلا أن هناك فجوة في البحث حول كيفية تعزيز هذه المهارة لدى شباب الجامعات في سياقات اجتماعية وثقافية معينة. يركز البحث على دراسة كيفية مساهمة الأسرة والمؤسسات التعليمية في تشكيل وتنمية التفكير النقدي، وكيفية تفاعل هذه العوامل في بيئة الشباب الجامعي.



أهمية البحث:

أهمية البحث تكمن في استكشاف دور التفكير النقدي في تطوير مهارات الشباب، وخاصة في ظل تأثيرات الأسرة والمؤسسات التعليمية. كما يهدف البحث إلى تسليط الضوء على كيفية تعزيز التفكير النقدي في الجامعات والمجتمعات الأكاديمية، والتي تُعتبر حجر الزاوية في إعداد الشباب لمواجهة التحديات الاجتماعية والتعليمية المعاصرة. هذا البحث سيساهم في تطوير استراتيجيات عملية تهدف إلى تعزيز هذه المهارات الهامة لدى الشباب، مما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع ككل.

أهداف البحث:

1. التعريف بماهية التفكير الناقد وأبعاده الأساسية.

2. استكشاف دور الأسرة في تعزيز التفكير الناقد لدى الشباب.

3. تحليل إسهام المؤسسات التعليمية في تنمية التفكير الناقد.

4. تقديم رؤية مستقبلية لتعزيز التفكير الناقد لدى شباب الجامعات.


مصطلحات البحث:

التفكير الناقد

يُعرَّف التفكير الناقد بأنه عملية عقلية تهدف إلى تحليل الأفكار والمفاهيم وتقويمها بغرض الوصول إلى استنتاجات منطقية وصحيحة. يتضمن التفكير الناقد مهارات متعددة مثل التقييم، والتحليل، والاستنتاج، ومقارنة الأدلة. وفقًا لعبدالعاطي (2008)، يتميز التفكير الناقد بطرح الأسئلة الدقيقة وعقد المقارنات لدراسة الحقائق والتمييز بين الأفكار وصولًا إلى حل المشكلات.

التنشئة الاجتماعية

التنشئة الاجتماعية هي عملية تطور اجتماعي ونفسي يمر بها الأفراد لاكتساب القيم والعادات والمعايير الاجتماعية التي تنظم سلوكهم داخل المجتمع. يشير غانم (2011) إلى أن التنشئة الاجتماعية تشمل مراحل متعددة من التفاعل مع الأسرة والمدرسة والمؤسسات المختلفة التي تساهم في تشكيل هوية الفرد. بالإضافة إلى ذلك، أوضح فرويد (1938) أن تجارب الطفولة تُعدّ أساسًا لهوية الفرد، مما يؤكد أهمية التنشئة في كل مراحل الحياة.

العلاقة بين التنشئة الاجتماعية والتفكير الناقد

تشير الدراسات إلى أن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد تلعب دورًا محوريًا في تنمية مهارات التفكير الناقد. تؤثر أساليب التربية المنزلية، والتعليمية، والاجتماعية في تشكيل قدرة الفرد على التقييم والتفكير بعمق (توفيق مرعي وآخرون، 1984).


منهج البحث:

في هذا البحث، تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي كإطار أساسي لدراسة وتحليل دور المؤسسات الاجتماعية المختلفة في تعزيز التفكير النقدي لدى الشباب. يهدف المنهج الوصفي إلى وصف الظاهرة كما هي قائمة في الواقع، بينما يعتمد المنهج التحليلي على تفسير البيانات المستخلصة وتقديم رؤى مبنية على الأدلة.

الأدوات المستخدمة

تم جمع المعلومات والبيانات من خلال:

1. تحليل الدراسات السابقة: دراسة الأبحاث العلمية والمقالات المنشورة المتعلقة بدور المؤسسات الاجتماعية (كالأسرة والمؤسسات التعليمية) في تطوير التفكير النقدي.

2. المصادر المكتبية: الرجوع إلى كتب ومراجع علمية متخصصة لتوفير تعريفات دقيقة وتحليل معمق للمفاهيم الأساسية.

3. المقالات النظرية والتقارير: الاستفادة من المقالات التي تقدم رؤى وتوصيات حول استراتيجيات تعزيز التفكير النقدي.

عينة الدراسة

بما أن هذا البحث يعتمد على تحليل نظري وتجريبي للمصادر والمراجع، فإنه لا يشمل عينة بشرية مباشرة. ومع ذلك، يتم التركيز على الشباب كفئة مستهدفة لدراسة تأثير المؤسسات عليهم.

الإجراءات

تم تقسيم البحث إلى محاور رئيسية تُغطي أدوار الأسرة والمؤسسات التعليمية، وتُختتم برؤية مستقبلية لطرق تعزيز التفكير النقدي لدى الشباب. يتم في كل محور تحليل الظاهرة ووصفها كما هي، ثم تقديم استراتيجيات مبنية على الدراسات السابقة والأدلة العلمية.

المحور الأول: ماهية التفكير النقدي بين الفطرة والاكتساب الاجتماعي:

تعريف التفكير النقدي

التفكير النقدي هو عملية عقلية تحليلية تهدف إلى تقييم المعلومات والحجج بطريقة منطقية واستقلالية. يتميز بقدرته على التمييز بين الحقائق والآراء، وتحليل الأدلة لاتخاذ قرارات مبنية على المنطق (Paul & Elder, 2014).

وفقًا لـ Facione (1990)، يُعرف التفكير النقدي بأنه "حكم تأملي واعٍ ينطوي على تفسير وتحليل الأدلة بشكل منطقي". يشير هذا التعريف إلى الطابع التحليلي للتفكير النقدي، الذي يدمج المهارات العقلية مع الحكم الواعي.

خصائص التفكير النقدي

1. الاستقلالية: اتخاذ قرارات عقلانية بعيدًا عن التأثيرات الخارجية غير الموضوعية (Ennis, 1987).

2. المرونة العقلية: تقبل وجهات النظر المتنوعة وتقييمها بشكل متوازن.

3. التقييم المنطقي: استخدام الأدلة والبراهين عند تحليل القضايا المختلفة (Lipman, 2003).

بين الفطرة والاكتساب الاجتماعي

يشكل التفكير النقدي مزيجًا من الجوانب الفطرية والمكتسبة:

الفطرة: يولد الإنسان مزودًا بقدرات بدائية للتفكير النقدي، مثل التساؤل والبحث عن الأسباب، وهو ما يتجلى في الأطفال عند محاولتهم فهم العالم من حولهم (Piaget, 1972).

الاكتساب الاجتماعي: تؤدي البيئة الاجتماعية، مثل الأسرة والمؤسسات التعليمية، دورًا رئيسيًا في تعزيز التفكير النقدي وتطوير مهاراته. تُعتبر هذه المهارات مكتسبة نتيجة التفاعل الاجتماعي والتعليم المنهجي (Vygotsky, 1978).

العوامل المؤثرة في التفكير النقدي

1. الأسرة: تساهم الأسرة بشكل كبير في تكوين القدرات النقدية، سواء من خلال الحوار المفتوح أو من خلال غرس القيم والأفكار التي تشجع التفكير المستقل (Siegel, 1988).

2. التعليم: النظام التعليمي الذي يركز على التعليم القائم على الأسئلة والمشروعات يعزز التفكير النقدي (Brookfield, 2012).

3. الثقافة المجتمعية: يشير Hofstede (2001) إلى أن بعض الثقافات تدعم الانفتاح النقدي على الأفكار الجديدة، بينما تحد ثقافات أخرى من هذا الانفتاح.

إن فهم التوازن بين الجوانب الفطرية والمكتسبة في التفكير النقدي يساعد في تصميم استراتيجيات فعالة لتنميته. على سبيل المثال، يمكن تعزيز القدرات الفطرية للأطفال من خلال توفير بيئة تعليمية مشجعة على التساؤل والنقد (Paul & Elder, 2014).


المحور الثاني: دور الأسرة في تنمية التفكير الناقد لدى الشباب:

تلعب الأسرة دورًا محوريًا في تكوين شخصية الأبناء، وهي المؤسسة الأولى التي يتفاعل معها الطفل منذ ولادته. ويُعد التفكير الناقد إحدى المهارات التي يمكن للأسرة أن تساهم في تنميتها بشكل كبير من خلال أساليب التنشئة والممارسات اليومية (Siegel, 1988).

دور الأسرة في غرس التفكير الناقد

1. تعزيز ثقافة الحوار المفتوح: الحوار المفتوح داخل الأسرة يُمكن الشباب من التعبير عن آرائهم ومناقشتها بحرية. أظهرت الدراسات أن الأسر التي تشجع النقاش بدلاً من فرض الآراء تُسهم في تنمية التفكير النقدي لدى أبنائها (Brookfield, 2012).

2. غرس قيم الاستقلالية الفكرية: يميل الشباب الذين نشأوا في بيئة تشجع الاستقلالية إلى التفكير بشكل أعمق وأكثر نقدًا. تؤكد Ennis (1987) أن الاستقلالية تُعد من أهم الخصائص التي تغذي التفكير النقدي.

3. تشجيع التساؤل والبحث عن الأسباب: الأطفال الذين يتم تحفيزهم على طرح الأسئلة منذ الصغر يكتسبون مهارات التفكير الناقد بشكل أفضل. تشير Vygotsky (1978) إلى أن الأسئلة تُعد محفزًا أساسيًا للتعلم الاجتماعي.

التأثيرات السلبية لبعض أساليب التنشئة

1. القمع الفكري: الأسر التي تعتمد أسلوب السيطرة تمنع الشباب من التعبير عن أفكارهم، مما يحد من تطوير قدراتهم النقدية (Paul & Elder, 2014).

2. النقد السلبي المستمر: النقد غير البناء يؤدي إلى زعزعة الثقة بالنفس، وهو ما يقلل من قدرة الفرد على تحليل الأفكار والمعلومات.

نماذج لتعزيز التفكير الناقد داخل الأسرة

• القدوة النقدية: عندما يمارس الوالدان التفكير النقدي في حياتهم اليومية، يتأثر الشباب بهم إيجابيًا (Facione, 1990).

• الأنشطة التفاعلية: المشاركة في النقاشات العائلية حول القضايا المجتمعية تُعد من الطرق الفعالة لتنمية هذه المهارة (Lipman, 2003).

الأسرة هي الركيزة الأساسية في تشكيل التفكير الناقد لدى الشباب. ويظهر دورها من خلال تشجيع الحوار، غرس القيم الفكرية الإيجابية، وتجنب الأساليب القمعية. إن إدراك الأهل لأهمية التفكير الناقد يساعدهم على إعداد أبنائهم للتعامل مع التحديات المستقبلية بعقلية نقدية ومنفتحة.


المحور الثالث: إسهام المؤسسات التعليمية في تعزيز التفكير الناقد:

تلعب المؤسسات التعليمية دورًا محوريًا في بناء قدرات التفكير الناقد لدى الطلاب، حيث تُعد المدارس والجامعات من البيئات الأساسية لتطوير المهارات الفكرية وتحفيز التحليل والاستنتاج. يعكس هذا المحور الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية في تنمية التفكير النقدي عبر المناهج الدراسية، الأنشطة التعليمية، والبيئة الأكاديمية (Facione, 1990).

دور المناهج الدراسية

1. إدماج مهارات التفكير الناقد في المناهج

تُعزز المناهج التي تتضمن أنشطة تحليلية وتفسيرية مهارات التفكير الناقد لدى الطلاب. على سبيل المثال، أوضحت دراسة أجرتها Brookfield (2012) أن المناهج التفاعلية تزيد من قدرة الطلاب على التمييز بين الحقائق والآراء.

2. تعليم استراتيجيات حل المشكلات

تعتمد بعض المناهج على تدريس استراتيجيات مثل التفكير الإبداعي وحل المشكلات، مما يعزز التفكير الناقد. يرى Paul and Elder (2014) أن هذه الاستراتيجيات تُشكل حجر الزاوية للتعليم النقدي.

بيئة الصفوف الدراسية

1. تشجيع النقاش والحوار

توفر الصفوف التي تشجع النقاشات المفتوحة بيئة ملائمة لتنمية التفكير النقدي. يُظهر الطلاب تطورًا ملحوظًا في التفكير النقدي عند تعرضهم لنقاشات مستمرة حول القضايا المجتمعية (Lipman, 2003).

2. التعلم التعاوني

أظهرت الأبحاث أن الأنشطة الجماعية تعزز مهارات التفكير الناقد عبر تبادل الأفكار وتحليل وجهات النظر المختلفة (Vygotsky, 1978).

دور الكادر التعليمي

1. تنمية التفكير الناقد من خلال التدريب

عندما يتم تدريب المعلمين على تنمية التفكير النقدي، ينعكس ذلك على طرق التدريس. يوضح Siegel (1988) أن تدريب المعلمين هو عامل أساسي لتحفيز التفكير الناقد لدى الطلاب.

2. القدوة الأكاديمية

يمثل المعلمون القدوة التي يتعلم منها الطلاب كيفية التفكير النقدي من خلال طرح الأسئلة واستكشاف الأجوبة.

التحديات التي تواجه المؤسسات التعليمية

1. نقص الدعم المالي والتقني

يُعد نقص الموارد أحد أبرز التحديات التي تواجه تعزيز التفكير النقدي في المدارس، خاصة في المناطق ذات الإمكانيات المحدودة (Ennis, 1987).

2. النمطية في التعليم

تقييد المناهج بنمطية معينة يقلل من فرص الطلاب في ممارسة التفكير النقدي.

نماذج تعليمية بارزة

• منهج سقراطي: يعتمد على توجيه الأسئلة لتحفيز التفكير النقدي والبحث عن الإجابات بشكل مستقل.

• التعلم القائم على المشاريع: تكسب الطلاب القدرة على تحليل القضايا بشكل عملي من خلال تطبيق مهارات التفكير النقدي في المشاريع الدراسية.

تُعد المؤسسات التعليمية ركيزة أساسية لتنمية التفكير النقدي عبر تعزيز الحوار والتعلم التفاعلي، وإعداد بيئة أكاديمية تركز على تحليل المعلومات واستكشافها. ومع ذلك، يتطلب ذلك معالجة التحديات المرتبطة بنقص الموارد والتطوير المستمر للمناهج التعليمية.


المحور الرابع: رؤية مستقبلية لتنمية التفكير الناقد لدى شباب الجامعات:

في ظل التحولات السريعة في مختلف مجالات الحياة، يُعَد التفكير النقدي أحد المهارات الأساسية التي يجب أن يمتلكها شباب الجامعات، حيث يُسهم في تعزيز قدرتهم على اتخاذ القرارات الواعية، وتحليل المشكلات بطريقة مبتكرة، والتفاعل بفعالية مع التحديات المستقبلية (Paul & Elder, 2014). لذا، تسعى هذه الرؤية المستقبلية إلى طرح استراتيجيات جديدة وملائمة لتعزيز التفكير النقدي في البيئة الجامعية.

الاستراتيجيات المستقبلية

1. تطوير المناهج الدراسية

• دمج مهارات التفكير النقدي في المقررات الأساسية

• يجب تضمين مهارات مثل التحليل والتقييم والبحث ضمن المناهج الأكاديمية، بحيث تكون متكاملة مع المواد الدراسية الأساسية (Brookfield, 2012).

• تصميم دورات متخصصة في التفكير النقدي

• توفير مقررات خاصة تركز على تنمية التفكير النقدي عبر التمارين التطبيقية، ودراسة الحالات الواقعية (Facione, 1990).

2. استخدام التكنولوجيا الحديثة

• الذكاء الاصطناعي والتعلم التفاعلي: اعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم اختبارات تحليلية، وأساليب تعليمية تفاعلية تساعد على تحسين قدرات التفكير النقدي لدى الطلاب (Luckin et al., 2016).

• التعليم الإلكتروني: إنشاء منصات تعليمية توفر مواد وأدوات تساعد الطلاب على ممارسة التفكير النقدي بشكل مستقل.

3. تطوير البيئة الأكاديمية

تشجيع الحوار المفتوح: خلق مساحات تتيح للطلاب التعبير عن آرائهم بحرية، ومناقشة القضايا الراهنة من خلال ندوات وورش عمل تركز على التفكير النقدي (Lipman, 2003).

تعزيز ثقافة التساؤل: يجب أن تحفز الجامعات الطلاب على طرح الأسئلة بدلاً من تلقي المعلومات فقط، مما يعزز عملية التفكير النقدي بشكل طبيعي (Socratic Method).

4. تأهيل الكادر الأكاديمي

• تدريب المدرسين على التفكير النقدي: يجب أن يتمتع أعضاء هيئة التدريس بمهارات عالية في التفكير النقدي لتوجيه الطلاب بشكل أفضل.

• العمل كقدوة: المدرسون الذين يطبقون التفكير النقدي في ممارساتهم اليومية يصبحون نماذج يحتذى بها الطلاب.

5. تعزيز الأنشطة الطلابية

• المشاريع التعاونية: إشراك الطلاب في مشاريع جماعية تتطلب التفكير النقدي، مثل حل المشكلات المجتمعية.

• المناظرات: إقامة مسابقات مناظرات جامعية تعزز المهارات النقدية وتعلم الطلاب الدفاع عن آرائهم بناءً على حجج منطقية.

التحديات والتوصيات

• التحديات: نقص التمويل، ضعف وعي الكادر الأكاديمي بأهمية التفكير النقدي، وقلة الأدوات التعليمية المبتكرة.

• التوصيات: وضع سياسات داعمة، الاستثمار في الموارد التقنية، وتوفير برامج تدريبية لأعضاء هيئة التدريس.


نتائج البحث:

1. دور الأسرة في التفكير النقدي:

الأسرة تلعب دورًا أساسيًا في تأسيس التفكير النقدي لدى الأبناء من خلال تشجيع الحوار والنقاشات الفكرية، مما يعزز التفكير التحليلي والنقدي (حسن، 2018). كما أن الأساليب التعليمية مثل طرح الأسئلة المفتوحة تساعد في تحفيز التفكير المنطقي (علي، 2020).

2. دور المؤسسات التعليمية:

المؤسسات التعليمية تسهم بشكل كبير في تعزيز التفكير النقدي من خلال المناهج التي تدمج مهارات التفكير النقدي، بالإضافة إلى الأنشطة التعليمية مثل المناقشات والندوات التي تعزز هذه المهارات لدى الطلاب (محمود، 2019؛ سعد، 2017).

3. التحديات:

رغم دور الأسرة والمؤسسات التعليمية، تواجه هذه المؤسسات تحديات كبيرة مثل نقص التدريب على تقنيات التفكير النقدي للمعلمين (إبراهيم، 2021) وتركز بعض الأسر على التعليم التقليدي مما يحد من تطوير هذه المهارات لدى الأبناء (عبد الله، 2016).

4. الرؤية المستقبلية:

توصي الدراسة بتبني سياسات تعليمية تدمج مهارات التفكير النقدي في المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية خارج الفصول الدراسية، مع ضرورة تعزيز التعاون بين الأسرة والمؤسسات التعليمية لتحقيق تكامل أكبر (خليل، 2020).


الخاتمة والتوصيات:

توصل هذا البحث إلى أهمية دور الأسرة والمؤسسات التعليمية في تنمية مهارات التفكير النقدي لدى الشباب. حيث أظهرت نتائج البحث أن الأسرة هي البيئة الأولى التي تساهم في تأسيس أسس التفكير النقدي، خاصة عندما تشجع على الحوار المفتوح وتنمية التفكير المنطقي. من جانب آخر، تلعب المؤسسات التعليمية دورًا محوريًا في تعزيز هذه المهارات من خلال المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية التي تشجع على التفكير التحليلي والتقييم النقدي.

إلا أن هناك تحديات تعيق تحقيق هذا الدور بشكل كامل، مثل قلة التدريب المناسب للمعلمين وعدم تكامل الجهود بين المؤسسات التعليمية والأسرة. بناءً على ذلك، يوصي البحث بضرورة تعزيز التعاون بين الأسرة والمدارس، مع تبني استراتيجيات تدريبية متقدمة للمعلمين لتعزيز مهارات التفكير النقدي في الطلاب. كما يُنصح بتطوير برامج تعليمية تدعم التفكير النقدي كجزء أساسي من المنهج الدراسي في كافة المراحل التعليمية.


المراجع:

اولا: مراجع باللغة العربية:

    توفيق مرعي، وآخرون (1984). مدخل في التربية. وزارة التربية والتعليم، عمان، ص 54-55.

     حسن، أ. (2018). التفكير النقدي في مراحل التعليم المبكر. القاهرة: دار المعرفة.

     خليل، ف. (2020). استراتيجيات التعليم المستدام في الجامعات: دراسات تحليلية. الإسكندرية: معهد البحوث التربوية.

     عادل، ع. (2017). الأسرة والتعليم: العلاقة بين التعليم المنزلي والمدرسي في تنمية مهارات التفكير النقدي. المجلة التربوية العربية، 28(3)، 22-40.

     عبد الكبير، صالح عبد الله؛ مقبل سعيد عبده أحمد؛ باطائع، حسن عبد الله؛ حزام، عديلة أحمد عبد الله؛ حسين علي الهتاري؛ محمد حسن عيوري فرج عمر؛ وآخرون (2008). معوقات تعليم مهارات التفكير في المرحلة الأساسية (دراسة ميدانية). الجمهورية اليمنية: مركز البحوث والتطوير التربوي، فرع عدن.

     عبد الله، م. (2016). دور الأسرة في تعزيز مهارات التفكير النقدي. مجلة التربية النفسية، 12(4)، 45-63.

     غانم، عبد الله عبد الغني. (2011). التنشئة الاجتماعية ودور المؤسسات الاجتماعية. الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. متوفر في المستودع الرقمي المؤسسي للجامعة.

     محمد، ر. (2015). التعليم ومهارات التفكير النقدي: ممارسات وأساليب تدريسية. القاهرة: دار العلم للنشر.

     هلال، م. (2019). تعزيز التفكير النقدي في المدارس: استراتيجيات وأساليب. بيروت: منشورات أكاديمية التقدم.

ثانيا: المراجع الأجنبية:

     Brookfield, S. (2012). Teaching for Critical Thinking: Tools and Techniques to Help Students Question Their Assumptions. San Francisco, CA: Jossey-Bass.

     Ennis, R. H. (1987). A Taxonomy of Critical Thinking Dispositions and Abilities. In J. B. Baron & R. J. Sternberg (Eds.), Teaching Thinking Skills: Theory and Practice (pp. 9-26). New York: W.H. Freeman.

     Facione, P. A. (1990). Critical Thinking: A Statement of Expert Consensus for Purposes of Educational Assessment and Instruction. The Delphi Report. Millbrae, CA: The California Academic Press.

     Freud, S. (1938). The Basic Writings of Sigmund Freud. Edited by A.A. Brill. New York, NY: The Modern Library.

     Hofstede, G. (2001). Culture's Consequences: Comparing Values, Behaviors, Institutions, and Organizations Across Nations (2nd ed.). Thousand Oaks, CA: Sage Publications.

     Lipman, M. (2003). Thinking in Education (2nd ed.). Cambridge: Cambridge University Press.

     Paul, R., & Elder, L. (2014). Critical Thinking: Tools for Taking Charge of Your Learning and Your Life (3rd ed.). Upper Saddle River, NJ: Pearson Education.

      Piaget, J. (1972). The Psychology of the Child. Translated by H. Weaver. New York, NY: Basic Books.

     Siegel, H. (1988). Educating Reason: Rationality, Critical Thinking, and Education. New York, NY: Routledge.

     Vygotsky, L. S. (1978). Mind in Society: The Development of Higher Psychological Processes. Edited by M. Cole, V. John-Steiner, S. Scribner, & E. Souberman. Cambridge, MA: Harvard University Press.


             


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة